السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على سيدنا محمد
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
كفرانُ النعمة ومطلب الشُّكر:
كفرانُ النعمة، بحيث لا يراها العبد، ويغفُل
عنها،فلا يشكر اللَّه تعالى، بسبب إسدائها إليه.
والنعمةُ أنواع كثيرة، لا تُعدّ، ولا تُحصى،
كما قال تعالى:
"وإن تعدّوا نِعْمَة اللَّه لا تُحصوها"
سورة إبراهيم من الأية34.
قال تعالى في سورة الفاتحه:{الحمد لله}
أخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق
ابن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إذا قال العبد{الحمد لله}قال الله:
شكرني عبدني وحمدني.
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"أفضل الذكر لا إله إلا الله و أفضل الدعاء :الحمد لله ".
وقال تبارك، وتعالى:
"وضربَ اللَّه مثلاً:قريةً كانت آمنةً مطمئنةً،
يأتيها رزقُها رغّداً من كل مكان، فكفرت
بأنْعُم اللَّه، فأذاقها اللَّه لباسَ الجوع، والخوف،
بما كانوا يصنعون"سورة النحل الأية112.
وضد كفرانُ النعمة:الشكر، وهو:
تعظيمُ المُنْعِم في مقابلة نِعَمِه، على حدٍّ
يمنعه عن جفاء المنعم، وقيل:
الشكر هو معرفة النعم، قال تعالى:
"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ
عَذَابِي لَشَدِيدٌ "سورة إبراهيم:الأية7.
عن النعمان بن بشير رضي اللَّه عنه،
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:
"مَنْ لم يشكرِ القليلَ، لم يشكرِ الكثيرَ،
ومن لم يشكرِ الناسَ، لم يَشكر اللَّه،
والتحدثُ بنعم اللَّه تعالى شكرٌ، وتركها كفرٌ،
والجماعة رحمة، والفرقة عذاب"رواه أحمد.
قال زيد بن أسلم:إن موسى عليه السلام قال:
يا رب كيف أشكرك؟ قال له ربه:
"تذكرني ولا تنساني فإذا ذكرتني فقد شكرتني،
وإذ نسيتني فقد كفرتني"
قال الحسن البصري:إن اللّه يذكر من ذكره،
ويزيد من شكره، ويعذب من كفره،
وقال بعض السلف في قوله تعالى:
{اتقوو اللّه حق تقاته}هو
"أن يطاع فلا يعصى، ويُذكر فلا يُنْسى، ويُشْكَر فلا يُكْفر" .
قال تعالى:
"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ "
سورة البقرة الآية:152
قوله تعالى:"واشكروا لي"
والشكر معرفة الإحسان والتحدث به،
وأصله في اللغة الظهور، فشكر العبد لله
تعالى ثناؤه عليه بذكر إحسانه إليه،
وشكر الحق سبحانه للعبد ثناؤه عليه بطاعته له،
إلا أن شكر العبد نطق باللسان وإقرار بالقلب
بإنعام الرب مع الطاعات.
قال صلى اللَّه عليه وسلم:"ثلاث من كنّ فيه،
آواه اللَّه تعالى في كنفه، وستر عليه برحمته،
وأدخله في محبته:مِنْ إذا أَعطي شكر،
وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر".
رواه الحاكم، عن ابن عباس
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
"من أنعم اللّه عليه نعمة فإن اللّه يحب أن يرى أثر
نعمته على خلقه، وروي:على عبده.
قال تعالى:
هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من
الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما*
سورة الأحزاب43
قوله تعالى:{هو الذي يصلي عليكم وملائكته}
هذا تهييج إلى الذكر،فإذا ذكرتم الله صلى عليكم هو وملائكته،
أي أنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم، كقوله عزَّ وجلَّ:
{فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون}،
سورة البقرة الآية:152
والصلاة من اللّه تعالى:ثناؤه على العبد عند الملائكة،
حكاه البخاري عن أبي العالية، وقال غيره:
الصلاة من اللّه عزَّ وجلَّ:الرحمة،
وأما الصلاة من الملائكة فبمعنى الدعاء للناس والاستغفار،
كقوله تبارك وتعالى:{الذين يحملون العرش
ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به
ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل
شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا
واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم}، سورة غافر:7.
وحملة العرش هم أقرب الملائكة لله سبحانه وتعالى،
وأشرف الملائكة هم الذين قربهم الله عز وجل من
عرشه فهم يحملون العرش.
فجعل أشرف الملائكة من رحمته العظيمة
سبحانه وتعالى يستغفرون للعبد المؤمن، وتقول:
يا رب!اغفر لفلان، يا رب!اغفر لفلان.
فالشكر دليل على كمال العقل، ونقاء الفكر،
وصفاء النفس؛ لأن من عرف قدر المنعم جل وعلا،
وتأمل بديع كرمه، وعظيم عطائه، فالأجدر به
أن يترنم بشكره، ويشدوا بذكره.
*دعاء أبو ذر الغفاري رضي الله عنه:
" اللهم إني أسألك إيماناٌ دائماٌ ، و أسألك قلباٌ خاشعاٌ ، و أسألك علماٌ نافعا و أسألك يقيناٌ صادقاٌ ، وأسألك ديناٌ قيماٌ ، وأسألك العافية من كل بلية ، وأسألك تمام العافية ، وأسألك دوام العافية ، وأسألك الشكر علي العافية ، وأسألك الغني عن الناس ".
*اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات .
*اللهم إني أسألك وللمؤمنين جنة الفردوس 0
من تفسير القرطبي ومختصر الصابوني
و من الدرر المباحة، للنحلاوي و و.